سيكون واضحاً جداً من البداية أن قابلية نجاح مثل هذه الكانتونات تعتمد على مستوى التعاون بين الجيران الجدد.
ويجب أن تخضع سلطات كل كانتون لمفاوضات طويلة ومتبادلة، تتطلب بدورها سنّ أعدادٍ لا تُحصى من القوانين والمعاهدات والاتفاقيات، وتعمل على معالجة سلسلة متكاملة من الأمور بدءاً من القضايا الحياتية اليومية وصولاً إلى القضايا الوجودية.
أحد أهم المخاوف الرئيسة في موضوع الحماية هو التهديد الذي تشكله الشراذم المتبقية من داعش.
هل سيكون لكل كانتون مفترض في نينوى قوات أمن وشرطة ومخابرات خاصة به؟ وما نوع السياسات الأمنية وآليات التنسيق التي ستوضع لمكافحة الجرائم العابرة للكانتونات، مثل الإرهاب وتهريب المخدرات والأسلحة وغيرها من الجرائم الخطيرة؟
الأمن
من المرجّح أن تضعف هذه المقترحات الساعية إلى تقسيم الموصل ونينوى إلى كانتونات تسكنها مجموعات عرقية أو عشائرية أو مذهبية محددة قدرة كل منطقة على حماية نفسها ضد الأخطار والتهديدات المستمرة للجماعات الجهادية الموحَّدة.
لا أحد يقول إن الخيارات ستكون سهلة أمام السلطات الحاكمة في بغداد. أما السؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت هذه السلطات مجهّزة لدعم إعادة البناء، أم أنها ستضطر للإذعان لمطالب المصالح العرقية والطائفية المحلية.
ربما يكون الخيار محدوداً في هذه المسألة. وربما تضطر بغداد للاستسلام بشروط، خصوصاً وأن هؤلاء المنافسين المحليين تدعمهم قوى خارجية لا يستهان بقوتها، جيدة التمويل ولديها أجنداتها الخاصة.
يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تفكر مليّاً قبل دعم مطالب الانفصال من قبل زعماء مثل النجيفي ومسعود البرزاني. كما أنه لا بد من التأكد من الدوافع وراء تحالف المصالح الحالي، فالمقترحات التي تؤدي إلى تجزئة السلطة على المستوى الإقليمي، والتي تفتقر إلى جودة التمثيل أو الانسجام ستؤدي بالنتيجة إلى تهميش الفئات الضعيفة.
بعد استعادة الموصل، ستمرّ المحافظة بمرحلة طويلة وشاقة لإعادة الإعمار واستعادة الحكم، الأمر الذي سيتطلب تدخل الولايات المتحدة الأمريكية من جديد.
وفي الحقيقة، فإن شروع التحالف المدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية بهجوم عسكري ضد داعش في الموصل ونينوى ينطوي على دور تضطلع به أمريكا في تسويات ما بعد التحرير.
نأمل ألا تُقسيم غنائم الموصل ونينوى بين الظافرين المسلحين، بل أن يحلّ الأمن ويُطبّق القانون على قدم المساواة، ودون محاباة طرف على حساب طرف آخر.